‘وداع ‘غير محرر

في جميع مسارات الأبطال، لابد من ظهور المعلم العجوز الحكيم الذي يسدي المشورة للبطل، وهو يعطي هذا الأخير هدايا سحرية تساعده في محنه الكثيرة. هذا هو المستوى الضروري لحكي قصة جيدة، وهذا هو الجزء الذي غالبا ما تتضمنه القصص الجيدة في الحياة الواقعية. على الرغم من أنني أنعم بالعديد من المعلمين في مختلف جوانب حياتي، إلا أن لاري دوروشر كان هو معلمي العجوز الحكيم

عندما جاءتني فكرة ال99 كان هو أول شخص توجهت إليه. بحلول ذلك الوقت كنت قد عرفته لمدة 15 عاما، و25 سنة عند وفاته. وفيما بين ذلك، ساعدني في بناء العلامة التجارية ال99 مرة من خلال خبرته، ومرة أخرى من خلال حدسه. عرفته خلال ثلث حياته، ونصف حياتي. كان لاري يقدم لي مشورة أعمال تجارية كبيرة عندما يتعلق الأمر بال 99. ولكن مثل الدروس المنقولة لنا مرارا من كتبنا المقدسة على شكل قصص، فإن لاري كانت له قصصه الخاصة به، والتي كان يرويها لي مرارا وتكرارا، أحيانا عمدا، وأحيانا بشكل لا إرادي، وكان الأمر يرجع لي لاستخراج الحكمة مما قاله. تضمنت هداياه السحرية مفاهيم مثل “تذكر ألا يسمح لك كبرياؤك بعدم إخراج القمامة” و”ذكر نفسك كل ليلة قبل الذهاب إلى النوم كم أنك محظوظ بالمرأة التي تزوجتها ”

نعم، ساعدني لاري ببناء الفضاء القصصي لل 99 لمدة 10 سنوات، والأهم من هذا أنه ساعدني في بناء فضاء حياتي الحقيقية على مدى 25 سنة الماضية

عندما سمعت أنه تبقى للاري بضعة أسابيع ليعيشها، تأملت أيامي وكأن شيئا لم يتغير، كما لو كان كل يوم مجرد يوم آخر. ولكن في الليل، آه يا إلهي، عندما يأتي الليل يتغير كل شيء، حتى أنه تراودني أحلام ومازالت، حيث أبكي فيها بحرقة شديدة

عادة ما يكون هناك شيء من قبيل القبلة الأخيرة، العناق الأخير، الوداع الأخير قبل مغادرة أحدهم لنا ولهذا العالم. كنت على بعد آلاف الأميال. وكان الشيء الوحيد الذي أمكنني أن أمنحه هو طلبي له بآخر تحرير لما أكتبه. لقد قام بتحرير كل ما كتبته في السنوات العشرة الأخيرة. ومن خلال العمل على مقالاتي كان قادرا على نشر الكثير من الدروس التي تعلمتها. في بعض الأحيان، إذا تأملت عن كثب بما فيه الكفاية، يمكنك أن ترى شذرات لاري من الحقيقة في حبر قلمي

لم يكن لاري قادرا على تحرير تلك القطعة الأخيرة، لكنني أعرف أنني عندما طلبت منه ذلك، أحس بحميمية طلبي. لم أتوقع منه أن يكون قادرا على التحرير في أيامه الأخيرة، ولكن أردت أن أوصل إليه شيئا لم يكن سواه قادرا على فهمه

ثم جاءني البريد الإلكتروني من عائلته مع بيان الموضوع الذي يقول أن “المخلوق الكبير” قد انتقل إلى “الخالق الكبير”. بقدر ضخامة بنيانه، كان ينهي رسائله بتوقيع اسمه بأحرف صغيرة، كما لو أنه كان يبحث بذلك عن تصغير حجمه. شيء لم يحصل له أبدا، ولم يكن قادرا عليه أبدا

لاري، لقد استلزم الأمر كتابتي عن موتك للحصول على هذا الجزء الأخير من المشورة. في محاولة كتابة رسالة وداع، فهمت أخيرا. كنت على حق. في بعض الأحيان، الأمور في قلتها، تنضح بالوفرة

وداعا لاري

وداعا صديقي